الثلاثاء، 24 يونيو 2014

قبلـة الرحيل




قبلة الرحيل

بحالة من الانهاك البالغ والتعب المضني بعد ترتيب وتزين البيت إلا أن نشوة الفرحة الغامرة للروح تنحى كل كد وعناء جانبا.
تقف أمام ساعة الحائط وقلبها يتناغم بدقاته مع دقات العقارب وكأن الساعة تنتظر اللقاء كي تستريح هي الاخرى عن العمل.
شابة ببداية نضج قصتها من الحب والزواج , حاز على قلبها هذا الشاب المهاجر منذ سنوات وسنوات , لم يعرف حقيقة الحب الا بعد لقائه بها حيث تُوجت القصة بزواج مارس الحب فيه كينونته الحقيقية على قلوب عاشقة ومحبة بارض ثابتة.
انتظرت هذا الموعد كثيرا بصبر جميل وتحمل من بعض المناوشات التي تحدث غالبا من ام الزوج كاغالب الفتيات حديثي الزواج !.
ودع اصدقائه بدموع الفراق من بلد المهجر , ليستقبل ابيه وامه بدموع فرحة اللقاء .
وصلت المركبة التي تقله امام منزله ما ان سمعت الحبيبة صوت المركبة إلا واللهفة تخطفها مسرعة حيث تتركها بين زراعه, تعانقا مع سحابة مطر من القبل.
إلتف حوله الاقارب والاصدقاء ودخل الجميع للمنزل , يبتسم بوجوه الحضور , ولكنه ينظر لساعته اليدوية وكأنه يُحدثها متى يرحلون.
انتهت مراسم الاستقبال , صعد مسرعا الى الطابق الثالث حيث عش ونبع الحب مع الشغف بانتظاره .
استقبلا بعضهما مرة اخرى باحضان تختصر كل الشوق , تختصر عام من الفُرقة.,
لحظة لاتصفها قصائد الشعراء ولا كلمات الادباء , والحروف مهما وصفت قصرت وإن حاولت عجزت.
مرت ايام وليالي والعاشقان بغفوة عقارب الساعات والايام ,
تساكنهم السعادة بكل لحظة ترسل لهم طعم جديد من العسل, وكأنهما ليسا من عالم الكون المعبئ بدموع وانات واهات بشتى اركانه.,
وكأن البسمات هاجرت كل قلوب واستقرت بقلبهما فقط .
اشرقت شمس هذا اليوم مبكرة وأتت بسماء صافية , قامت الطيور من اعشاشها تسبح بفناء السماء والارض مغردة باصواتها المعتادة تعبيرا عن فرحة الصباح.,
دخل ضوء الشمس مخترقا زجاج النافذة ولم يأبة للستائر كي يداعب جفون الحبيبان , تسلل وايقظهما سويا والبسمة كانت نائمة فوق شفاه كل منهما فاستفاقت معهم بعد ليلة ساحرة ساهرة,
كانت الورود والالحان والشموع شهود تلك الليلة التي جمعت الحب روحا وجسدا.
استفاقا واثار الانهاك من ليلة امس واضحة عليهما حيث كانت ليلة مباركة من السماء والارض, وبكل رضى غافلان على ما يُعده القدر .
استقبل حبيبته بقبلة غامرة تبث في روحها الابتهاج والرضى عنها , واستقبلته هي الاخرى بقبلة حارة يتيمة وكأنها تودعه دون ان تدري.
نهضا سويا واغتسلا ثم أعدّا الإفطار سويا ببهجة المودع الذي الذي هو اخر من يعلم.
كانا متفقان على زيارة طبيب للبحث في قضية الحمل والاطفال لعل الله يرزقهم من هذا الحب.
حان موعد مغادرة المنزل متأنقان يمسكان بيد بعضهما بمظهر مبهج يعكس حالة الروح التي يحملاها.,
استقلا التوكتوك – وسيلة تنقل مستحدثة بمصر أضراره اكثر من منافعه – وانطلق متجها حيث وجهة الطبيب وهو يسير على الطريق ارتطم به مكروباص وعلى اثر الحادث فارقت الزوجة والحبيبة الحياة بالحال اخذة معها كل البسمات والفرحة والسعادة التي لم تدوم طويلا لهما .,
نقل الزوج على اثر الحادث الى العناية المركزة مع الغيبوبة المظنونة التي يرجع منها القليل من خلال العادة الاستقرائية للواقع.
سافرت هي بطريق اللاعودة , وسافر هو بطريق الشك والظن الغير قاطعان بترجيح شيئ,
الاهل والاقارب والاصدقاء بقلوب مملؤة بحرقة وحزن وشتات على ما اّلت الامور للعاشقان الحبيبان الزوجان مع حالة من الزهول وهستريا البكاء.
هي اخذت الموت وسافرت به وهو مازال يساكن سرير الموت.
انتهى اخر فصل ومشهد لها بالحياة متجهة الى حياة اخرى بقانون اخر كل الدعوات لها بالرحمة وأعالي الجنان.
وننتظر جميعا بكل الدعوات والرجاء والامل ان يكون للقدر فصل اخر في حياة هذا الشاب.,
وإن كنت اظن بوجهة نظري ان بقائه على قيد الحياة سوف يتساوي بنظره مع الرحيل بعد فقدان حبيبته وزوجته التي لم يعرفا الحب الا من خلال بعضهما,
اهدته قبلة الرحيل دون ان تدري هي انها القبلة الاخيرة.
عاطـــــــ 23/6/2014ـــــــف

ليست هناك تعليقات: